الفتوى رقم: ٦٣٣
الصنف: فتاوى الصلاة - العيد
في حكم خروج المرأة لصلاة العيد
السؤال:
هل يجب على النساء حضورُ صلاة العيد؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالأصلُ أنَّ النِّساءَ شقائقُ الرِّجال في الأحكام، فما ثَبَتَ للرجلِ ثَبَتَ للمرأة إلَّا ما استثناه الدليلُ، لكنَّ الدليل جاء مؤكِّدًا لهذا الأصل حيث أَمَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النساءَ بالخروج لصلاة العيد في المصلَّى حتَّى ذوات الخدور والحُيَّض، وأَمَرَهُنَّ أن يَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى، بل وأَمَرَ مَنْ لا جلبابَ لها أن تُلْبِسَهَا أُخْتُها مِنْ جِلبابها، كما ثبت ذلك في حديث أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها(١)، وفي حديث ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ»(٢).
وصلاةُ العيد مُسْقِطَةٌ للجُمُعة إذا اتَّفَقَتا في يومٍ واحدٍ، وما ليس بواجبٍ لا يُسْقِطُ ما كان واجبًا، ولم يأمر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النساءَ بالجمعة وأَذِنَ لهنَّ فيها وقال: «صَلَاتُكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكُنَّ فِي دُورِكُنَّ، وَصَلَاتُكُنَّ فِي دُورِكُنَّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكُنَّ فِي مَسْجِدِ الجَمَاعَةِ»(٣)، في حينِ أَمَرَهنَّ بشهودِ صلاةِ العيد، وممَّا يؤكِّد هذا الحكمَ في وجوب خروج النساء إلى مُصَلَّى العيد ما أخرجه أحمدُ والبيهقيُّ وغيرُهما عن أختِ عبد الله بنِ رَوَاحَةَ الأنصاريِّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «وَجَبَ الخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ»(٤) ـ يعني: في العِيدَينِ ـ، وهو مذهبُ أبي بكرٍ وعليٍّ وابنِ عُمَرَ رضي الله عنهم على ما حكاه القاضي عياضٌ ورواه ابنُ أبي شيبةَ(٥). والأحاديثُ القاضيةُ بخروج النساء في العِيدَيْنِ إلى المصلَّى مُطْلَقَةٌ لم تُفَرِّقْ بين البِكْرِ والثَّيِّبِ والشابَّةِ والعجوزِ والحائضِ وغيرِها ما لم يكن لها عُذْرٌ، وإذا خرجَتْ إلى المصلَّى فإنها تلتزم بآداب الخروج مِن تَرْكِ التطَيُّب والتزيُّن وأن تكون في غاية التستُّر.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٠ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ فبراير ٢٠٠٧م
(١) أخرجه البخاري في «الصلاة» باب وجوب الصلاة في الثياب (٣٥١)، ومسلم في «صلاة العيدين» (٨٩٠)، من حديث أمِّ عطيَّة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه البخاري في «العيدين» باب خروج الصبيان إلى المصلَّى (٩٧٥)، ومسلم في «صلاة العيدين» (٨٨٤)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه البيهقي (٥٣٧١) من حديث أمِّ حُمَيْدٍ رضي الله عنها. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٨٤٤).
(٤) أخرجه أحمد (٢٧٠١٤)، والبيهقي (٦٢٤٣). قال ابن حجرٍ في «فتح الباري» (٣/ ١٥٠): «وقد ورد هذا مرفوعًا بإسنادٍ لا بأس به»، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٧١٠٥).
(٥) (٥٧٨٥، ٥٧٨٦، ٥٧٨٧).
البداية - السابق - - اللاحق- النهاية
<< العودة